سورة المرسلات - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المرسلات)


        


{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (1) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (2) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (3) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (4) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (5) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7)}
اختلف في معنى المرسلات والعاصفات والناشرات والفارقات على قولين: أحدهما: أنها الملائكة، والآخر: أنها الرياح. فعلى القول بأنها الملائكة سماهم المرسلات لأن الله تعالى يرسلهم بالوحي وغيره، وسماهم العاصفات لأنهم يعصفون كما تعصف الرياح في سرعة مضيهم إلى امتثال أمر الله تعالى، وسماهم ناشرات لأنهم ينشرون أجنحتهم في الجو، وينشرون الشرائع في الأرض، أو ينشرون صحائف الأعمال، وسماهم الفارقات لأنهم يفرقون بين الحق والباطل، وعلى القول بأنها الرياح، سماها المرسلات لقوله: {الله الذي يُرْسِلُ الرياح} [الروم: 48] وسماها الناشرات لأنها تنشر السحاب في الجو، ومنه قوله: {يُرْسِلُ الرياح فَتُثِيرُ سَحَاباً} [الروم: 48] وسماها الفارقات لأنها تفرق بين الحساب ومنه قوله: {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً} [الروم: 48] وأما {فالملقيات ذِكْراً} فهم الملائكة لأنهم يلقون الذكر للأنبياء عليهم السلام، والأظهر في الملاسلات والعاصفات أنها الرياح لأن وصف الريح بالعصف حقيقة، والأظهر في الناشرات والفارقات أنها الملائكة لأن الوصف بالفارقات أليق بهم من الرياح، ولأن الملقيات المذكورة بعدها هي الملائكة ولم يقل أحد أنها الرياح، ولذلك عطف المتجانسين بالفاء فقال: والمرسلات فالعاصفات ثم عطف ما ليس من جنس بالواو فقال: والناشرات، ثم عطف عليه المتجانسين بالفاء، وقد قيل في المرسلات والملقيات أنهم الأنبياء عليهم السلام {عُرْفاً} معناه: فضلاً وإنعاماً، وانتصابه على أنه مفعول من أجله وقيل: معناه متتابعة وهو مصدر في موضع الحال وأما عصفاً ونشراً وفرقاً فمصادر، وأما ذكراً فمفعول به {عُذْراً أَوْ نُذْراً} العذر فسَّره ابن عطية وغيره بمعنى: إعذار الله إلى عباده لئلا تبقى لهم حجة أو عذر. وفسره الزمخشري بمعنى الاعتذار. يقال: عذر إذا محا الإساءة، وأما نذراً فمن الإنذار وهو التخويف، وقرأ الأعشى التميمي بضم الذال في الموضعين وبقية القراء بإسكانها، ويحتمل أن يكونا مصدَرين فكيون نصبهما على البدل من ذكراً أو مفعولاً بذكر، أو يحتمل أن يكون عذراً جمع عذير أو عاذر، ونذراً جمع نذير فيكون نصبهما على الحال {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} يعني البعث والجزاء وهو جواب القسم.


{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}
{فَإِذَا النجوم طُمِسَتْ} أي زال ضوؤها وقيل: محيت {وَإِذَا السمآء فُرِجَتْ} أي انشقت {وَإِذَا الجبال نُسِفَتْ} أي صارت غباراً {وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} أي جعل لها وقت معلوم، فحان ذلك الوقت وجمعت للشهادة على الأمم يوم القيامة، وقرأ أبو عمرو وُقِّتَتْ بالواو وهو الأصل، والهمزة بدل من الواو {لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ} هو الأجل كما أن التوقيت من الوقت، وفيه توقيف يراد به تعظيم لذلك اليوم، ثم بينه بقوله: {لِيَوْمِ الفصل} أي يفصل فيه بين العباد، ثم عظّمه بقوله: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفصل * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} تكراره في هذه السورة قيل: إنه تأكيد وقيل: بل في كل آية ما يقتضي التصديق فجاء ويل يومئذ للمذكبين راجعاً إلى ما قبله في كل موضع منها.


{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18)}
{أَلَمْ نُهْلِكِ الأولين} يعني الكفار المتقدمين، كقوم نوح وغيرهم {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين} يعني قريشاً وغيرهم من الكفار بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا وعيد لهم ظهر مصداقه يوم بدر وغيره {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} أي مثل هذا الفعل نفعل بكل مجرم يعني الكفار.

1 | 2 | 3 | 4